مقتطفات من أرشيف فلج القبائل

أصبح من المحتوم حفظ تاريخ قرية فلج القبائل، والذي فعلا بدئ بالاندثار،وذلك برحيل كبار السن الذين يحفظون هذا التاريخ، وقد تمكنت بتوفيق من الله سبحانه وتعالى بأن، أسجل مقتطفات من هذا التاريخ ، بالرجوع إلى كبار السن، ولكن اليد الواحدة لا تصفق وتنقصني مشاركاتكم ومداخلاتكم، وأتمنى بأن لا يبخل علينا كل من لديه معلومة صحيحة وموثقة يتم تأكيدها من الآباء والأجداد ، بأن يشاركنا بها حتى نتمكن من الوقوف على ماضي قريتنا الجميلة والتعرف على تاريخها، وليس الهدف من قراءة التاريخ هو التحسر على ما فات فالذي ذهب لن يعود ، ولكن يبقى السؤال ما الذي تعلمناه من هذا التاريخ؟ ما الذي ورثناه عن الآباء والأجداد وسنطبقه في حياتنا الحاضرة؟

حسنوه البلوشي هو أول رجل قام بإحضار سيارة لفلج القبائل وإنتقل لاحقا لمنطقة الغزيل التابعة لولاية لوى، ثم أحضر بعد ذلك كلا من محمد بالأسود ومحمد بن يموع سيارات والشخص الرابع كان عبيد بن عيسى الذي باع السيارة لناصر بن أحمد الجابري، ثم تبعهم محمد بن خلف النزواني،وبعد ذلك استمر توافد السيارات لفلج القبائل، نعمة خففت من معاناة الكثيرين وقربت البعيد وسهلت الحياة، فلا تجحدوا أخواني شباب اليوم بهذه النعمة وتحولوها لنقمة (ملاحظة: خلال السنتين الماضيتين فقط مات ستة شباب من أبناء فلج القبائل بسبب حوادث السيارات،فيا ترى متى سيتوقف نزيف هذا الجرح الدامي ؟)

2. المرحوم حاجية هو أول من أحضر تلفزيون للفلج وأما الشخص الثاني كان رجل من الشارقة سكن الفلج يسمى سعيد بن زنجال، يقال أن زوجته توفت فحزن عليها، فقام بإهداء التلفزيون للمرحوم محمد بن ناصر البسطي وسافر للشارقة، والجدير بالذكر بأن القنوات الوحيدة التي كانت تظهر في تلك الحقبة هي باكستان وإيران ، فمن كان يفهم لغتهما فقد استفاد وأما من لم يفهم فقد كان يتابع الصور فقط.

3. أول فيلا في الفلي طبعا كانت بيت محمد بن مايد واللي أطلق عليها إسم الغرفة ، وتعتبر الغرفة التي موجودة ونراها في يومنا الحاضر النسخة الثانية من الغرفة، فقد كانت الأولى عبارة عن مبنى طيني إنهار فجأة ولحسن الحظ فقد كان جميع القاطنين خارج المنزل، فقرر المرحوم بن ماجد بناء مبنى كبير من إسمنت وقد ساعده على ذلك كونه تاجر كبير احتكر تجارة الليمون ، فقد كان يشاع أنه لا يمكن أن يباع أي ليمون من صحم إلى شناص إلا بعد أن يمر من خلال بن مايد والذي كان وسيطا مع تجار خليجيين وإمتدت تجارته للكويت حيث كانوا يستوردون الليمون اليابس ويطلقون عليه لومي صحاري، وفعلا تم بناء الغرفة الجديدة من الإسمنت الذي كان يحضر في محمل (نوع من السفن الصغيرة) من إيران إلى مجيس ومن هناك كان يحضر على الحمير إلى الفلج، وفي بعض الحالات كانت تتوفر سيارة (عريبي ) يحضر عليها الإسمنت وكان يسمى سميت بو نخله تيمنا بشعار الشركة الموجد على الأكياس ، ومن باب المنافسة بين التجار قام حاجيه ببناء بيته المعروف في نفس مكانه الحالي، وبذلك إعتبر ثاني مبنى كبير في الفلج.

4. يعتبر المرحوم الشيخ يحيى بن سالم الجابري هو السبب الرئيس في تأسيس مدرسة فلج القبائل، فبعد أن تم إتخاذ قرار بأن تبنى مدرسه للبنين في مجيس وتشمل المنطقتين، رفض رحمه الله وقام بعدة مراجعات سواء للدوائر الحكومية في صحار أو في مسقط ، وبعد مجهود طويل حصل على الموافقة ، وتم بناء المدرسة وكانت في البداية من الدعون ، وبعد وفاته بعدة سنوات تم بناءاها بالإسمنت المسلح، غفر الله للشيخ يحيى وجزاه خيرا عن كل طفل تعلم في هذه المدرسة، وبارك الله في ذريته و جعلهم خير سلف لخير خلف. (آمين)

5. سمي الفلج بالداودي نسبة إلى النبي داود بن سليمان عليه السلام، حيث يعتقد أنه ولبراعة حفر الفلج وإستحالة وصول الإنسان لتلك الأعماق السحيقة تحت الأرض، فإن الجن في عهد سليمان عليه السلام هم من قاموا ببناء هذه النوعية من الأفلاج، والتي تعتبر أعدادها قليلة في عمان مقارنة بالأنواع الأخرى من الأفلاج الغيلية والعينيه، ويستنتج من هذا الكلام أن تاريخ حفر الفلج يمتد لأزمنة قديمة في التاريخ، وأما بالنسبة لصيانته فقد تميز النزوانه عبر أجيالهم المختلفة بصيانة الفلج لما عرف عنهم من الشجاعة والصبر وقوة الإرادة والبنية الجسمية القوية، وهذه جميعها صفات لابد توافرها في الشخص الذي ينزل لأعماق بعيدة تحت سطح الأرض ليقوم بصيانة الفلج مع عدم توفر الضوء والأكسجين وإحتمال حدوث إنهيارات في أي لحظة ليقوم بصيانة مجرى الفلج وتنظيفه، وهناك الكثيرين الذين قدموا حياتهم لكي يبقى الفلج جاريا ليومنا هذا، ومن أبرزهم المرحوم سرحان والذي كان من أكثر رجال فلج القبائل شجاعة وإقدام وقوه، ولكن كانت نهايته مأساوية حيث إنهار عليه الفلج وحوله إلى أشلاء تم جمعها ودفنها، رحمه الله وجعل مثواه الجنة.


6. (حسون مرجه) هو أول صاحب دكان في فلج القبائل، وكان موقع دكانه في الحصن (يعتبر الحصن من النقاط المبهمة في تاريخ الفلج ولكن يستنتج من موقعه الذي شمل بيت محمد بن يموع وحمود والحاج عبيد بن أحمد ومنزل الشيخ يحيى، أنه بني لحماية منطقة الشريعة والميازه ومدخل النخيل، وكل ما أستعطت معرفته أنه كان يحتوي على عدة أبراج تتراوح بين الأربعة والستة أبراج مبنية من الطين، وكل برج يسمى (البوم) ويرتفع عدة طوابق وبداخله سلالم من الطين، وطبعا استخدمت الأبراج للحماية وكشف المنطقة أثناء الحروب ولكن أثناء السلم كانت النساء تتسلقها لتراقب عرضة البوش في البطحى في المناسبات والأعياد. ولكن لماذا هدم الحصن ؟ وهل توجد له صور؟ ومن سكن فيه؟ كل هذه الأسئلة أتمنى أن أجد لها إجابة في يوم من الأيام)،وعودة لصاحب الدكان الذي توفي رحمه الله وبقي الدكان في مكانه، حتى قام بشرائه : رجل من دبي يسمى محمد تاير الأعري، وإنتدثر هذا الدكان مع إندثار الحصن، ثم بعد ذلك قام المرحوم محمد أمين بإنشاء دكان إستمر حتى بداية الثمانينات، ولا زال حفيدة والذي يعتبر من كبار تجار دبي، يزور الفلج من فترة لأخرى حيث قمت بإستقباله في بيتنا، وأخبرني الكثير من ذكريات طفولته في الفلج، وذكريات دكان جده محمد أمين.


ويبقى أرشيف فلج القبائل حافلا بالمواقف والذكريات والتي أعدكم بالمزيد منها في القريب العاجل إنشاء الله.